السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.
.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد عليه افضل الصلاة والسلام
وعلى آله وصحبه أجمعين .
.
الصداقة علاقة إنسانية راقية، ورباط اجتماعي وثيق، يقوم بين الأفراد على أساس من
المحبة والتعاون والوئام، والإخلاص والتناصح والاحترام، والتوافق في الأفكار والرؤى،
وهي فطرة في الناس يسعون إليها طلبا للألفة والتعايش فيما بينهم
وقد ذكرها الله عز وجل في القرآن الكريم مع القرابة ، قال الله تعالى
( ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على
أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو
بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم
أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا)
.
فانظر كيف أنزل الله تعالى الصديق منزلة النفس والأب والأخ والابن في الأنس والثقة،
ثم أذن في الانبساط في بيوت الأصدقاء وطعامهم، وما ذاك إلا دليل على أن الصداقة
ميثاق محبة ومودة، وهي من أقوى الروابط الإنسانية وأصدقها.
.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: الصديق أوكد من القرابة.
ألا ترون كيف يقدم كثير من الناس أصدقاءهم على أقربائهم في الملمات والأزمات،
ويهرعون إليهم في السراء والضراء؟
.
وقد ذكر قتادة أن الصديق إذا كان صالحا نفع.
فالصداقة تفاعل يظهر على أخلاق الصديق، ويتأكد في وقت الشدة والضيق، ولذلك
نبه النبي صل الله عليه وسلم إلى ضرورة التأني في انتقاء الصديق
.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل»
فالصديق إما أن يصحبك إلى المعروف والخير، وإما أن يرديك في المنكر والشر .
.
قال رسول الله صل الله عليه وسلم :« مثل الجليس الصالح ومثل جليس السوء كحامل
المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ
الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة »
.
ومن أهم صفات الصديق الصالح الإيمان والتقوى، قال رسول الله صل الله عليه وسلم :
« لا تصحب إلا مؤمنا »
.
وكل صحبة قامت على أساس غير سليم كانت سببا لندم صاحبها في الدنيا والآخرة،
قال الله تعالى ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) .
.
فعلى المرء أن ينتبه في اختيار الصديق، ويحذر ممن يلبس ثوب الصداقة، وله مآرب
يبتغيها، فكم من صاحب جر على أصدقائه الهم والحزن، وأرداهم بسوء أفكاره وضلالة
أهدافه، وقد قيل: الصاحب ساحب ، لأن الصاحب له تأثير بالغ على صاحبه.
.
وقيل: أخبرني من تصاحب أخبرك من تكون .
.
وقد قال لقمان الحكيم لابنه: من يصحب صاحب السوء لا يسلم، ومن يصحب الصاحب
الصالح يغنم .
.
والصديق هو الذي يصدقك في المودة، ويبتغي لك الخير في كل أحوالك، قال رسول الله
صل الله عليه وسلم :« خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه ».
.
وعلى الآباء أن يسألوا عن أصدقاء أبنائهم وبناتهم، فإن كانوا مستقيمين يدلون على
الخير والصواب شجعوا أبناءهم على تلك الصحبة، وإن كانوا غير ذلك نصحوهم بالبعد
عنهم، فإن الصديق مرآة صديقه .
.
فاحرصوا اخواني واخواتي على اختاركم للأصدقاء ، فإن الصديق من صدقك، وتخيروا
صاحب المقاصد النبيلة والغايات السليمة .
.
فاللهم وفقنا لاختيار صديق الخير لنا ولأبنائنا ، ووفقنا جميعا لطاعتك وطاعة من
أمرتنا بطاعته .
.
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم ، وبسنة نبيه الكريم محمد صل الله عليه وسلم .